السيد رئيس مجلس النواب،
السيد رئيس مجلس المستشارين،
السادة الوزراء،
السيد المندوب السامي للتخطيط،
السادة السفراء،
حضرات السيدات والسادة،
يسعدني بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء أن أتقدم بأحر التهاني إلى المندوبية السامية للتخطيط
على هذا اللقاء الذي يتيح لنا الفرصة لنناقش موضوعا يكتسي أهمية كبرى في الوقت الراهن.
كما أود أن أنوه بالجهود التي ما فتئت تبذلها هذه المؤسسة في سبيل تطوير المنظومة
الإحصائية الوطنية.
وقبل التطرق إلى الرهانات التي يمثلها الإحصاء بالنسبة للمهام الرئيسية للبنك المركزي،
اسمحوا لي في البداية أن أشير باقتضاب إلى الإسهام الحاسم للمعلومات الإحصائية في عملية
التنمية وأن أشاط ركم رأيي حول التقدم المحرز على صعيد المنظومة الإحصائية الوطنية.
حضرات السيدات والسادة،
تلعب المعلومات الإحصائية، التي أصبح يُنظر إليها أكثر فأكثر كأداة في خدمة العموم، دورا
رئيسيا في عملية النمو الاقتصادي كما أنها تضمن شفافية المشاركين فيها ومساءلتهم. فهي
تشكلّ أداة رئيسية في صياغة وتقييم السياسات العمومية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية.
ومن جهة أخرى، تحتل المعلومات الإحصائية مكانة هامة بالنسبة للمقاولات، باعتبارها أداة
لاتخاذ القرارات. وفضلا عن ذلك، فإن حاجيات القائمين على السياسة الاقتصادية والفاعلين
الاقتصاديين والعموم إلى هذه المعلومات الإحصائية تتزايد بحيث يتعين عليها أن تّتسم على
الدوام بالموثوقية والشمولية وأن تكون متاحة في الآجال المطلوبة.
وموازاَةًَ مع الجهود التي تبذلها السلطات العمومية، تعمل المؤسسات الدولية المختصة في هذا
المجال على تشجيع إرساء نُ ُ ظم إحصائية وطنية متينة وعلى توحيد المعطيات قصد الرفع من
شفافيتها وقابليتها للمقارنة. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الأزمة المالية الأخيرة
أثارت انتباه الدول إلى ضرورة التصدي لأوجه القصور التي تعتري هذه المعطيات وتحسين
جودة المعلومات الإحصائية من أجل تفادي مخاطر نظامية جديدة.
حضرات السيدات والسادة،
على الصعيد الوطني، يمكننا الاعتزاز بالإنجازات الهامة التي تحققت خلال العقود الأخيرة في
مجال بناء وتعزيز المنظومة الإحصائية. فالإطار الإحصائي الوطني أصبح متوافقا اليوم مع
المعايير والممارسات الدولية، وهذا أمر أكدته مختلف عمليات التقييم التي قامت بها المؤسسات
الدولية. وبفضل هذه الإنجازات، يحتل المغرب مكانة مميزة في هذا المجال على مستوى
القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد بالإسهامات الكبيرة التي تقدمها مختلف الهيئات المنتجة
للمعلومات الإحصائية في بلدنا، وأخص بالذكر المندوبية السامية للتخطيط نظرا للدور
الأساسي الذي تضطلع به في إرساء نظام إحصائي يتمتع بالشمولية والموثوقية والشفافية. وقد
توجّت هذه الجهود، منذ سنوات، باعتماد المغرب المعيا ر الخاص لنشر البيانات الذي أعده
صندوق النقد الدولي. كما مكنت هذه المجهودات من تحسين شفافية نظامنا المعلوماتي من
خلال نشر وثائق منهجية تبيّن طرق إعداد المؤشرات الإحصائية.
ول ي اليقين أن الجهود المبذولة حاليا ستواصل تلبية شروط الدقة والتناسق، بهدف تعزيز فعالية
نظامنا الإحصائي الوطني. وبهذا الصدد، فإن ملاءمة الإحصائيات بشكل أفضل مع مختلف
حاجيات مستعمليها ومواصلة تقليص آجال تعميمها ينبغي أن تشكل على الدوام عماد تعزيز
نظامنا الإحصائي. وهذا يقتضي بطبيعة الحال تقوية التعاون والتبادل بين مختلف منتجي
المعلومات الإحصائية بالإضافة إلى الرفع من التفاعل والتجاوب مع مستعملي هذه المعلومات.
حضرات السيدات والسادة،
إن بنك المغرب، وعيا منه بالأهمية الكبرى التي تكتسيها المعلومات الإحصائية في تنفيذ
مهامه الرئيسية، قد بادر منذ عدة سنوات بعزم وبكل الدقة المطلوبة إلى تطوير قدراته
الإحصائية وتوفير معلومات جديدة.
إن المهام التي يضطلع بها بنك المغرب في مجال تطبيق السياسة النقدية، والسهر على متانة
النظام البنكي واستقراره، والحفاظ على سلامة أنظمة الأداء، وبشكل عام مساهمَته في استقرار
النظام المالي الوطني، تتطلب من البنك جهودا متواصلة من أجل تعزيز منظومته الإحصائية
والمعلوماتية.
وانسجاما مع متطلبات ملاءمة وتحديث الإطار التحليلي الذي تستند إليه السياسة النقدية
والاستقرار المالي إجمالا، يحرص البنك المركزي على إعداد مؤشرات عالية التواتر وذات
قيمة مضافة كبيرة. وفي هذا الشأن، قام البنك بإحداث إطار لتتبع وتوقع التضخم في المغرب،
بما في ذلك مؤشر التضخم الأساسي الذي يعد أداة هامة بالنسبة للعموم.
وقد أصبحت المنظومة المعلوماتية التي تنبني عليها قرارات مجلس البنك المتعلقة بالسياسة
النقدية وباقي المهام الرئيسية للبنك تشمل حاليا أكثر من 300.000 سلسلة نقدية واقتصادية
ومالية، تغطي في نفس الوقت المعطيات التي ينتجها البنك ونظيرتها التي تنتجها هيئات
أخرى.
وموازاة مع الحرص على عدم التداخل مع باقي منتجي المعلومات الإحصائية، بادر البنك
المركزي منذ سنوات إلى إعداد الاستقصاء الشهري للظرفية في القطاع الصناعي، مع مراعاة
المعايير التي حددتها اللجنة التنسيقية للاستقصاءات الإحصائية. كما يقوم البنك أيضا، في إطار
ممارسة مهامه، بإنجاز استقصاءات لدى مؤسسات الائتمان، منها بالخصوص الاستقصاء
المتعلق بأسعار الفائدة المدينة.
وفي نفس السياق، عقد البنك مؤخرا اتفاقية شراكة وتبادل المعطيات مع الوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية من أجل بلورة مؤشر فصلي لأسعار الأصول
العقارية. وقد تم نشر نتائج هذا المؤشر ابتداء من الفصل الأول لهذه السنة. كما أبرم البنك
عقدا مع المكتب الوطني للملكية الصناعية والتجارية بهدف الولوج إلى المعطيات الخاصة
بحصيلة المقاولات المدرجة في السجل التجاري.
إن مكتسبات بنك المغرب في مجال الإحصاء والمعلومات ما كانت لتتحقق لولا استمرار
التبادل والعلاقات مع المؤسسات الشريكة للبنك المنتجة للمعطيات على الصعيد الوطني. وأود
بهذه المناسبة، أن أشيد بالتعاون المتين الذي يربطنا منذ سنين مع المندوبية السامية للتخطيط
والذي يعرف تحسنا متواصلا من حيث الحجم والجودة.
حضرات السيدات والسادة،
إذا كان البنك المركزي يعد من أكبر مستعملي المعلومات الإحصائية، فإنه أيضا منتج
للإحصائيات، لاسيما الإحصائيات النقدية الوطنية. ومع تبني منهجية صندوق النقد الدولي
لإعداد الإحصائيات منذ يونيو الماضي، عمل البنك على توسيع إطار تحليل التطورات النقدية
والمالية من خلال إتاحة معلومات أكثر دقة حول ديون والتزامات مؤسسات الإيداع تجاه كافة
قطاعات الاقتصاد، وذلك بوتيرة شهرية. وفي إطار الحرص على شفافية الإحصائيات، قام
بنك المغرب بعرض المنهجية الجديدة لإعداد الإحصائيات النقدية على بوابة الإنترنيت، كما
. وضع رهن إشارة المستعملين السلسلات الإحصائية المترابطة التي تعود إلى سنة 1985
حضرات السيدات والسادة،
إن الفترة الحالية تطرح العديد من التحديات على صعيد مهام البنك المركزي. وفي طليعة هذه
التحديات، ملاءمة إطار السياسة النقدية مع تسارع وتيرة الانفتاح المالي للاقتصاد الوطني.
وبالفعل، فإن الانفتاح المتزايد لاقتصادنا يستدعي إقامة مفاضلات مستمرة بين الأصول في
السوق الوطنية والسوق الدولية. كما أن قرارات الاستثمار سوف ترتبط بالخيارات المتعلقة
بالأسعار وفوارق نسب الفائدة، وهو ما يتطلب توفر وإتاحة الوصول في وقت شبه آني إلى
المعلومات حول أسعار الأصول وأسعار الفائدة. وهكذا، واستشرافا منه للمستقبل، ركز البنك
جهوده منذ عدة سنوات على وضع إطار لتتبع وتقييم مديونية وشروط تمويل الفاعلين
الاقتصاديين وذلك بالموازاة مع تعزيز إطار تحليل أسعار الأصول العقارية. وعلاوة على
ذلك، قام البنك بالشروع في الأشغال الخاصة ببلورة إطار لتتبع المتانة المالية للمقاولات غير
المالية.
حضرات السيدات والسادة،
إن الالتزام الدائم بالممارسات الجيدة في مجال الإحصاء يفرض مواصلة تقوية الإطار
المؤسساتي للتنسيق والتعاون بين مختلف منتجي ومستعملي المعطيات الإحصائية والحفاظ
على استقلالية منتجي الإحصائيات، ضمانا لمصداقية المعطيات.
ومن أجل ذلك، يتعين العمل، في أقرب الآجال، على بلورة استراتيجية وطنية لتطوير
الإحصاء تتضمن إحداث لجنة وطنية للمعلومات الإحصائية، تتكون من جميع الفاعلين
المعنيين، وتسهر على تحديد الاستراتيجية الوطنية لإنتاج ونشر الإحصائيات. ومن جهة
أخرى، فإن من شأن مقاربة عصرية لنشر المعلومات تستند إلى التكنولوجيا الحديثة أن تعزز
من شفافية ومصداقية منتجي المعطيات. وفي هذا الصدد، يرتقب أن يعرف الاستثمار في
مراكز تبادل المعلومات توسعا هاما.
وفي هذا اليوم العالمي للإحصاء، أود التأكيد على أن بنك المغرب سيتسمر، ليس فقط، في
العمل من أجل الحفاظ دوما على مطابقة إحصاءاته مع المعايير الدولية، بل أيضا في
المساهمة في إنجاح جميع المشاريع المتعلقة بالإحصاء التي سينخرط فيها بلدنا.
والسلام عليكم.
قم بالتسجيل لخلق تنبيهات للأدوات الاستثمارية
الأحداث الاقتصادية والمحتوى الخاص بالمؤلفين الذين تتابعهم
تسجيل مجاني هل تملك حساب؟ تسجيل الدخول
أضف تعليق
ننصحك باستخدام التعليقات لتكون على تواصل مع المستخدمين، قم بمشاركة ارائك ووجه اسألتك للمؤلف وللمستخدمين الاخرين. ومع ذلك، من أجل الحفاظ على مستوى عالٍ، الرجاء الحفاظ وأخذ المعايير التالية بعين الاعتبار:
سيتم حذف الرسائل غير المرغوب فيها وسيتم منع الكاتب من تسجيل الدخول الى Investing.com.